في صباه، كان متمردًا، كان يرى الاولاد يدخنون في الطرقات والازقة فكان يدخن مثلهم، كان يشرب الخمور ويحب الفتيات، بدت الدراسة كشئ ممل بالنسبة له، فتركها، مبررًا بأنه يبحث عن الاثارة لا عن اختبارات نهاية العام. فقد دل كل شئ على ان هذا الصبي الذي لم يبلغ الثالثة عشر من العمر سيكون مجرمًا او خارجًا عن القانون او على الاقل سيكون انسان غير مفيد لنفسه او للمجتمع. هذا هو نيرمال سيذيا الذي اصبح فيما بعد عملاق تجارة الشاي في بريطانيا واحد انجح رجال الاعمال واكثرهم خبرة. الآن هل يمتلكك الفضول لمعرفة كيف تحول هذا الصبي “المنحرف” الى عملاق تجارة الشي واحد انجح رجال الاعمال على الاراضي البريطانية؟ حسنًا، تعرف معنا على قصته الملهمة.
صدفة خير من الف موعد :-
ذات يوم في اوخر خمسينات القرن الماضي واثناء قيام سيذيا بعمله المعتاد (تدخين السجائر في شوارع لندن) شاهده موظف يعمل في احدى كبرى شركات استيراد و تجارة الشاي في المملكة المتحدة، وقدمه الى مدير الشركة ليحصل بذلك على وظيفة متذوق مبتدئ للشاي الذي تستوردته وتوزعه الشركة.
ويقول سيذيا حول هذا الامر “تلك كانت بداية ابتسام الحظ، اعتقد انه كان توفيق الهايًا، شخص اعرفه شاهدني ادخن ورأى ان لدي امكانيات معينة فقدمني الى صاحب الشركة وحصلت على عمل”.
الانخراط في تجارة الشاي :-
لم يكن بيرمال سيذيا فقيرًا، بل كان والده رجل اعمال ويمتلك الكثير من المال، ولكنه لم يكن يمنحه الاموال لكي لا يهدرها، ولكن عندما لاحظ انخراط ابنه في العمل وحبه للمجال، فرح كثيرًا وشجعه على الاستمرار وساهم معه في تأسيس شركة اطلق عليها اسم “سيذيا تي استيتس”، ومن خلالها عمل الشاب نيرمال على شراء الشاي من المزادات من كولكاتا “موطن عائلته في الهند” وبيعه للتجار في كل من ايرلندا وانجلترا.
التطور امر ضروري :-
رغب سيذيا ان يتطور ويطور من عمله، فقرر شراء مزرعة للشاي في ولاية آسام شمال شرقي الهند، ويعلق على ذلك قائلًا “لم اكن امتلك المزيد من المال، فقد كنت انام في احدى شرفات احد المباني المتواجدة في مزرعة الشاي، وافكر طوال الوقت في الفوارق والاختلافات التفصيلية التي تفرق وتميز انواع الشاي عن بعضها” وتباع سيذيا “من الظاهر ان لدي موهبة في تذوق الشاي ومعرفة مكان زراعته سواء في الهند او في اي مكان في العالم، وهو الامر الذي اثار اعجاب المشترين”.
الاستثمار في مجال آخر :-
بعدما حقق السيد نيرمال سيذيا نجاحًا كبيرًا في مجال تجارة الشاي قرر ان يستثمر في قطاع مختلف، فأنشأ شركة لتجارة الخيش، وهى عبارة عن الياف تستخدم لصناعة الحقائب والحبال وغيرها من المنتجات.
ويتحدث عن ذلك قائلًا “كان عمي يعمل في ادارة النشاط التجاري الخاص بالعائلة، ولكنه لم يكن يديره بالشكل الجيد ولم يحقق نجاحات تذكر، وكنت افكر انه بإمكاني فعل اشياء افضل، فذهبت الى والدي وعرضت عليه الفكرة واعجب بها كثيرًا وشعرت انه يطالبني بإتخاذ هذه الخطوة وجعل العمل نجاحًا، وهذا ما فعلته بالضبط”.وعلى اثر ذلك اصبحت الشركة الجديدة “ان سيذيا جروب” الشغل الشاغل للسيد نيرمال سيذيا، وفي غضون سنوات توسعت تجارته لتشتمل على مجالات اخرى مثل العقارات والبنوك. وعلى الرغم من كل ذلك لم يتخلى ابدًا عن عشقه للشاي.
العودة الى تجارة الشاي :-
ففي عام ٢٠٠٠ اراد ابن اخيه ان يبدء شركة مختصة بمجال تجارة الشاي ، ولأن العائلة تدرك ان السيد نيرمال سيذيا لا زال يمتلك علاقات كبيرة مع تجار ومستثمرين في المجال، فقد طلبوا منه المساعدة ولم يتردد في تقديم العون لهم.
وبهذا اصبح السيد نيرمال سيذيا شريكًا في شركة Newby Teas وعاد بالتالي الى عشقة الاول، ولكن لم تسر الامور خير ما يرام وخسرت الشركة الكثير من الاموال في سنواتها الاولى مما دفع السيد نيرمال الى اتخاذ قرار بمغادرة الشركة، ولكن زوجته الراحلة شيترا ديفي اقنعته بالبقاء، ويتحدث عن ذلك “قالت لي زوجتي شيئًا واحدًا فقط، ان كان هناك احدًا قادرًا على انقاذ الشركة فهو انت، فقد كانت على حق، فبدعمها وتشجيعها لي كنت قادرًا على فعل اي شئ، لقد كانت مثل الصخرة التي تمنعني من السقوط”.
وبهذا لم يترك السيد سيذيا الشركة، بل اعطاها المزيد من وقته وجهده ونجح بالفعل من انتشالها من الفشل، وها هى اليوم تحقق ارباحًا تصل الى ١٥ مليون دولار في العام الواحد وتبيع منتجاتها في اسواق ضخمة مثل السوق الروسي والبريطاني والامريكي.
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق